نص الاستشارة:
أنا في وحدانية عميقة، وأحس بفراغ كبير، فأنا أسكن في بلاد أجنبية، ومشكلتي الكبرى هي أن زوجي لا يعطيني إهتماماً ولا كلاماً جميلاً، فأنا فتاة عمري تسع عشرة سنة، وكنت أتمنى بعد زواجي أن يغمرني زوجي بالحب والحنان، ففي فترة الخطوبة كان رائعاً والآن تغير كثيراً، وقد أحسست بفراغ كبير، فأنا أريد الدردشة معه، أما الجنس فأحس أن الرغبة فيه قلَّت كثيراً، فما العمل، وكيف أخرج من هذا الحزن وهذه الكآبة؟
الـــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت السائلة: من سؤالك اتضح أن مشكلتك تتلخص في الفراغ الكبير الذي تشعرين به، وقد بدا ذلك من خلال تعبيراتك -أنا في وحدانية عميقة، أحس بفراغ كبير، زوجي لا يعطيني اهتماماً ولا كلاماً جميلاً.
وقد ترتب على ما تشعرين به من وحدة وغربة وفراغ حصول كآبة جعلتك تحسين بالروتينية والبرود حتى في علاقتك بزوجك!
وأنا أُقدر مشاعرك وغربتك وما تعانين، وأسأل الله أن يلطف بك، ويشرح لك صدرك، ويعوضك عن غربتك خيراً، ويعجِّل لك بالفرج.
وحتى تخرجي من كآبتك وحزنك بإذن الله أنصحك بما يلي:
1) أشغلي نفسك بالأمور النافعة، واملئي فراغك بالمفيد، فالنفس إن لم تشغليها بالخير شغلتكِ بالشر، وأهم ما تشغلين به وقتك:
* فعل الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل والذكر وقراءة القرآن وحفظه... ولا تدرين لعل في الغربة خيراً لك، إذ بإستطاعتك أن تدربي نفسك على الإستزادة من العبادات والطاعات بعيداً عما يشغلك ويشتت ذهنك فيما لو كنت في ديارك وبين أهلك.
وإعلمي أنك يا أخية في كربة، والله عز وجل يقول: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}، ثقي أنه لا أحد أرحم بك وأرأف وألطف من ربك، فتقربي إليه، وإبكي بين يديه، وألحي عليه بالدعاء، خاصّة في أوقات الإجابة، سليه أن يهدي زوجك، ويهديه لك، وأن يشرح صدرك، ويملأ قلبك بحبه سبحانه، ويؤنسك بقربه، ويعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، ويبدد وحشتك، ويجعل لك من كل ضيق مخرجاً ومن كل همٍ فرجًا.
جاهدي نفسك على القيام في الثلث الأخير من الليل، وتضرعي إلى الله في تلك الساعة خاصة، ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصرُ به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه» رواه البخاري.
* وعليك بترتيب وقتك وحسن تقسيمه بين تلاوة القرآن وحفظه، وأداء النوافل، وقراءة الكتب النافعة والاستماع إلى الأشرطة الدينية والتربوية، والاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم..إلخ.
1= حاولي أن تخرجي من عزلتك بالإنضمام إلى صحبة طيبة، تطمئنين لدينهن وخلقهن.. وتواصلي معهن، وبإمكانك أن ترتبي معهن وقتاً لتدارس التفسير، أو حفظ القرآن، أو لقراءة ما ينفع... وفي يقيني أن مثل هذه الأمور ستملأ عليك وقتك.
فكم من الأخوات عدن من غربتهن إلى ديارهن وهن داعيات إلى الله عز وجل، بعد أن هذبتهن الغربة، وصقلتهن، فكانت سبباً في قربهن من الله، والعكوف على ما يشغلن به أوقاتهن.
2= لا تنسي أن من لزم الإستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كلَّ همٍّ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.
فالزمي الإستغفار، ليلاً ونهاراً، وإبشري بالفرج العاجل بإذن الله، وعليك بمحاسبة نفسك، فإن من أسباب ضيق الصدر الذنوب والمعاصي.
3= تذكري قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}، فاصبري، وصابري، وإعلمي أن الله جاعل لك فرجاً، ولكن كوني معه سبحانه يكن معك.
4= أما ما يخص علاقتك بزوجك، فالذي يبدو أنه رجل ودود، ولديه إستعداد لأن يمنحك الحب والاهتمام بدليل قولك: إنه كان رائعاً أيام الخطوبة، ولكن الشيء الذي لم توضحيه في رسالتك هو: ما الذي غيَّر زوجك وجعله جافًا في تعامله!
= أهو الإنهاك في العمل، وقلة وعيه بأهمية قربه منك؟
= أم هو الإنشغال بأمور تافهة كالجلوس في وقت فراغه أمام بعض المواقع غير الهادفة في الإنترنت، أو مع الأصحاب في المقاهي وغير ذلك؟
= أم أن السبب هو تقصيرك في إظهار مشاعرك نحوه، وجفافك في التعامل معه؟
أنَّ كثيراً من النساء يردن أن يأخذن دون أن يعطين..فهي تطالب زوجها على سبيل المثال أن يسمعها كلمات الثناء والحب.. بينما لا تسمعه بدورها مثل هذه الكلمات.. وقد لا تتلطف معه عندما لا تجد منه لطفاً ولا تبادر!.
إنك بحاجة إلى أن تحاوري زوجك، وتصارحيه بما تشعرين به، بكل هدوء.. إبدئي بإظهار تقديرك لظروف عمله، وشعورك بحرصه على مصلحتك، وتعبه من أجلك.. وأثني على الجوانب الإيجابية فيه، وأظهري له بالغ حبك ومودتك، ثم صارحيه بحاجتك إليه وإلى قربه ولطفه.
ولتكن كلمتك لينة، ونظرتك حانية معبِّرة، وإبتعدي عن اللوم بمختلف صوره، فلغة الحوار الهادئة في الوقت المناسب لها دور كبير في تقريب وجهات النظر والتفاهم بين المتحاورين.
وقد يكون زوجك يعاني من ضغوط في العمل، فإقتربي منه، وحاولي مشاركتك بهمومه وإهتماماته، أعرضي عليه المساعدة بما تستطيعين، وكوني إيجابية فاعلة، بيني له أن الحياة الزوجية تحتاج إلى ما يقويّها من مشاعر حيّة وعواطف جيّاشة..
فإذا خشيت أن يخونك التعبير فإكتبي له ما تريدين برسالة معبِّرة، جذابة، حسنة الأسلوب، وزينيها بالكلمات الرقيقة الحانية، وليكن هذا ديدنك.
فالحياة الزوجية بحاجة إلى تجديد.
ولو اقترحتِ عليه أن يصطحبك معه في نهاية الأسبوع إلى بعض الأماكن السياحية المحافظة، وبعض المنتزهات، فلا بأس.
= أما إن كان زوجك منهمكاً بما يضيع عليه وقته، فذكريه بالله، وادعي له بالهداية، ولا تيأسي من إستصلاحه.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.